الهيكلة الرشيقة

نسمع بمصطلح الإدارة الرشيقة لكن لا يمكن تصور إدارة رشيقة من غير هيكلة رشيقة. فالبساطة في الهيكلة والمرونة تجعل العمل يتناغم وينسجم مع أي شكل أو تطوير للعمل في المستقبل. بالمقابل كثرة الإدارات والأقسام تسبب الازدواجية في العمل والتفريط في تحمل المسؤولية وإلقائها على الآخرين.كما أن الإجراءات المتداخلة والمثقلة بكم هائل من المستويات (إدارات وأقسام ووحدات) قد تمثل عائقا أمام التجاوب والتفاعل السريع. ونرى جليا أن بعض الجهات انغمست في البيروقراطية، فنجد بعض المعاملات تتناقل بين الكثير من الموظفين! وتدخل سلسلة إجراءات طويلة بين القطاعات والإدارات والأقسام، وهي في حقيقتها يمكن أن تنجز في خطوة أو خطوتين

!!لكن هل نستطيع أن نعمل تكميما للهيكلة المتضخمة لتصبح رشيقة؟

  • في تصوري أن تحويل بعض الإدارات إلى أقسام وتحويل الأقسام إلى مهام عمل أحد هذه الحلول المناسبة. قبل فترة كنت أناقش أحد الزملاء حول مقترح هيكلة أحد الإدارات الصغيرة وكانت هناك بعض الأقسام تندرج تحت هذه الإدارة فاتفقنا على تحويل هذه الإدارة إلى قسم والأقسام التي كانت ترتبط بهذه الإدارة تحولت إلى مهام لهذا القسم. وفعلا تم الاتفاق على ذلك وتم الاستغناء عن أربعة أقسام.
  • ومن الحلول التي قد تكون مناسبة أيضا البحث عن الإدارات التي طبيعة عملها لا تستدعي أن ينشئ لها إدارة مستقلة أو قسم وذلك على سبيل المثال أعمال التوعية والتطوع فبدل أن ننشئ إدارة ولها أقسام وفروع نكتفي بتشكل لجنة أو فريق عمل.
  • وأعتقد أن من أنجع الحلول وأكثرها تأثيرا دمج الإدارات المتقاربة ففي عام 2017 رفعت مقترحا لمقام وزارة الصحة بدمج الإدارة القانونية والمتابعة وإدارة حقوق الموظفين كونها جهات تهتم بالجانب العدلي وعملها متقارب من بعض الوجوه. وربما لم يلاق قبولاً في ذلك الوقت. والآن ألغيت إدارة حقوق الموظفين وشكلت لجنة مختصة لنظر في تظلمات الموظفين بقرار وزاري يرأسها مدير الشؤون القانونية بكل مديرية. كما صدر مرسوم ملكي بإلغاء إدارات المتابعة ونقل أبرز مهامها إلى الإدارة القانونية.

أعتقد أن من الجميل أن تعمل المنشآت على إعادة النظر في هيكلة إداراتها وتبسيط إجراءاتها وتوزيع المسؤوليات والمهام بما يضمن تسريع وتيرة العمل الحكومي وغير الحكومي وبما يتناسب مع المرحلة الحالية والمستقبلية ويعكس رؤية 2030. تحقيقا للحوكمة وتوفيرا للمال العام وسهولة في التعامل وسرعة في تقديم الخدمة لمستفيدين بدلاً من علاج الآثار المترتبة على الهيكلة المتضخمة والنتائج السلبية الناتجة عنها والتي تؤثر على تقدم العمل وتطوره.

ختاما... إن رشاقة الهيكلة لا تتم إلا بوجود عقول رشيقة، تنتج أفكار رشيقة، وتحياتي للرشقاء